إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه.       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه
الثمرات الجنية شرح المنظومة البيقونية
34361 مشاهدة
الحديث المقلوب وأنواعه

إِبدالُ رَاوٍ ما بِرَاوٍ قِسْمُ وقَلْبُ إِسْنَاد لِمتنٍ قِسْمُ
الحديث المقلوب:
قوله:
(إبدال راو ما براو قسم...وقلب إسناد لمتن قسم).


(المقلوب) والقلب يكون تارة في الإسناد، وتارة في المتن، وتارة يكون في المتن والإسناد، فالإسناد كأن يُبْدِلَ راويا براو إذا كان بينهما تقارب في اللفظ، كأن يُبْدِلَ عاصِما الأَحْوَل بواصِل الأحْدَب لتقاربهما في اللفظ والسمع، مع اختلافهما، أو يبدل يحيى بن بكير بيحيى بن أبي بُكير وكلاهما من الرُّواة، فالأول هو يحيى بن عبد الله بن بكير يروي عنه البخاري كثيرا فيقول: حدَّثنا يحيى بن بكير، وأما الثاني فروى عنه ابن أبي شيبة وغيره وهو من رجال الصحيحين، فإبدال راوٍ براوٍ يُسمى قلبا، يُقال: انقلب هذا الحديث على فلان، فجعله عن شيخه فلان وقد أخطأ.
أنواع القلب:
 وقد يكون قلب الإسناد بإبدال راوٍ ثقة براوٍ ضعيف أو بالعكس، ولا شك أنه إن كان الأصل أنه ضعيف وانقلب براوٍ ثقة، فإنه يعد مردودا، فكثيرا ما يروى حديث عن عبد الله بن عمر العمري وهو ضعيف، فينقلب على بعضهم بعبيد الله بن عمر هو أخوه الثقة، ويقال: هذا الحديث انقلب على الدراوردي مثلا ، أو انقلب على غيره من عبد الله إلى عبيد الله العمري وهذا طعن في الحديث.
ومن أنواع الانقلاب: أن يحول متن إلى إسناد حديث آخر أو بالعكس، وقد يكون عمدا كما وقع لجماعة من أهل بغداد لما قدِم عليهم البخاري قلبوا له أسانيد مائة حديث، جعلوا إسناد هذا لمتن هذا وإسناد هذا لمتن هذا، وأعطوها عشرة أشخاص، لكل شخص عشرة أحاديث، وقالوا له إذا اجتمعوا عنده فاسأله عن عَشَرتك، ففعل الأول وكلما حدَّثه بحديث قال: لا أعرفه، حتى تم عشرته، وجاء الثاني وهكذا حدّثه بالعشرة، وقال: لا أعرفها، فأما عوام الناس فقالوا: إنّه غير حافظ، كيف مر عليه مائة حديث وهو لا يعرفها، وأما أهل العلم الذين عملوا هذه الحيلة فإنهم عرفوا أنه قد فَطِن.
ولما أكمل العشرة أحاديثهم رجع إلى أولهم، وقال: حديثك الأول حدَّثناه فلان عن فلان عن فلان، وحديثك الثاني والثالث إلى أن تمم عشرته، وهكذا حتى أتمهم، فردّ الأسانيد إلى متونها والمتون إلى أسانيدها، فاعترفوا له بالفضل، وهذا يسمى قلب إسناد إلى متن للاختبار.
وقد يكون القلب في نفس المتن، بأن تنقلب كلمة بدل كلمةٍ على بعض الرواة، مثاله حديث السبعة الذين يظلهم الله في ظله، وفيه: ورجلٌ تصدّق بصدقة فأخفاها، حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه انقلب على بعض الرواة فقال: حتى لا تعلم يمينه ما تنفق شماله . وهذا انقلاب في المتن.
ومثله حديث في الشفاعة، وفيه: أن النار يبقى فيها فضل، ويبقى في الجنة فضل، قال: فأما النار فينشئ الله لها خلقا فيسكنهم فيها وهذا انقلاب، والصواب أنه ينشئ للجنة، وتأبى حكمته أنه ينشئ للنار خلقا ما عملوا أعمالا سيئة فيدخلهم النار بلا ذنب، أما الجنة فينشئ الله لها خلقا فيسكنهم فيما فيها من الفضل.
والحاصل أن هذا يسمى انقلابا في المتن، وذكر ابن القيم أيضا له مثالا وقال: إنه انقلب على بعض الرواة، وهو حديث أبي هريرة الذي يقول فيه: إذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبرك البعير، وليضع يديه قبل ركبتيه وقال: إن آخره يخالف أوله، فإن البعير يقدم يديه في البروك قبل رجليه، وأنكر أن ثفنات اليدين تسمى ركبا، بل الركبة دائما في الرجل وقال: لعله انقلب على بعض الرواة وأن صوابه وليضع ركبتيه قبل يديه، وذكر أنه كذلك وقع عند ابن أبي شيبة في المصنف: إذا سجد أحدكم فيضع ركبتيه قبل يديه ولا يبرك كبروك الفحل ولو كان سنده ضعيفا لكنه وافق الأصل، فترجح بذلك أن الحديث منقلب على بعض الرواة كالداراوردي أو محمد بن عبد الله بن الحسن وكلاهما فيه مقال يضرُّ مع التفرد والمخالفة.
وعلى كل حال فإن الانقلاب يُرْجَعُ فيه إلى أصل الحديث، فإذا خفْتَ أَن يكون هذا الحديث مما انقلب على بعض الرواة فارجع إلى أصل الحديث ثم اطرح الرواية المنقلبة، ويعد الانقلاب قدحا في الرواية ونقصا في الحديث؛ لأنه خطأ وقع إما في المتن وإما في الإسناد .